Thursday, July 26, 2007

السيدة هــاجر

هــى

أم الذبيح اسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام، وأطلق عليها أم العرب العدنانيين


قبل البداية

كانت هاجر زوجة لحاكم اقليم منف (أكبر الأقاليم المصرية)، وكان هناك صراعا داخليا على الحكم، فقتل الملك زوجها وسباها، ثم أهداها إلى السيدة سارة زوج نبى الله ابراهيم

اهدتها السيدة سارة إلى زوجها عندما يئست من انجاب ذرية له، لكنها لم تحتمل بفطرة حواء أن ينشغل زوجها بزوجته الجديدة وابنهما الوليد، فما كان منها إلا أن طلبت من الخليل ألا يجمعها بيت واحد مع السيدة هاجر


البداية

صوب الجنوب ولى ابراهيم وجهه مصطحبا هاجر والرضيع بوحى إلهى، وبجوار أول بيت عُبد فيه الله كان المقام، هناك تركهما ابراهيم مع التمر والماء


لم تكن مكة حينها إلا أرض مقفرة خلاء، ولم يكن يقصدها إلا البدو الرحل بحثا عن ماء أو مرعى .. ولم تقبل هاجر بهذا الوضع إلا يقينا منها بأن الله لن يضيعها ووليدها، وأن زوجها مأمور لحكمة لا يعلمها إلا الله


هناك .. حيث دعا ابراهيم ربه

ا(ربنا إنى أسكنت من ذريتى بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون، ربنا إنك تعلم ما نخفى وما نعلن وما يخفى على الله من شيء فى الأرض ولا فى السماء

[إبراهيم 37-38]


تركهما ابراهيم وعاد إلى مدينة أور فى بابل حيث زوجه الأولى السيدة ســارة


وحشــة .. ثم فــرج

يوما بعد آخر وهاجر مشغولة بالوليد، ترعاه وتتكفل برعايته حتى نفذ منها التمر والماء، وباءت كل محاولاتها للعثور على مصدر للماء بالفشل

جالت هاجر بين الصفا والمروة، ظلت تسعى بينهما جاهدة علها تجد ما يسد رمق الصغير حتى أرهقها التعب

لم تحتمل السيدة هاجر رؤية رضيعها يلفظ أنفاسه الأخيرة، فأبتعدت عنه باكية تخفى وجهها كيلا تتعذب برؤيته يحتضر، حتى أمر الله طائراً ينقر الأرض من تحت قدم الصغير فانبثق الماء بغزارة .. شربت وارتوى الصغير

الصحبــة

من بعيد رأت قافلة طائرا يحوم حول المكان، فعرفت أن هناك ماءا، استئذنت القافلة من السيدة هاجر أن يقيموا جوارها ولها الماء، فأذنت لهم

كانت القافلة من قبيلة "جرهم" العربية (يقال أنهم كانوا من أهلها فى منف)، بينهم شَبَّ الصغير وتعلم اللغة العربية .. وتزوج منهم


النهايـة

لم تكن السيدة هاجر إلا مثالاً للزوجة المطيعة والأم الرحيم، والمرأة المؤمنة، كرَّمها الله فجعل من سعيها بين الصفا والمروة من شعائر الحج، وذكرها النبى الكريم محمد

يقول النبى : "يرحم الله أم إسماعيل، لو تركت زمزم لكانت زمزم عينًا معينًا

[البخاري]


يقال أن السيدة هاجر توفيت فى الـ90 من عمرها ودفنها ابنها اسماعيل بجوار البيت الحرام

Friday, July 13, 2007

ربح البيع أبا يحي

*
*
.
كان الخناق يضيق حوله تدريجياً ،فقد أرسلوا في أسره أمهر قنّاصيهم ، أخذ يحث ناقته على الإسراع ،بإمكانه مراوغتهم والهرب من بين
براثنهم فقط لو تُسرع ناقته قليلاً ، بيد أنه وجد نفسه أمامهم ... وجهاً لوجه ، لم يجد بداً من الإلتفات إليهم ومواجهتهم ،وسُرعان ما انعقدت
صفقته الرابحه داخل عقله ليجد نفسه يهتف فيهم :
.
"يامعشر قريش ...لقد علمتم أني من أرماكم رجلاً ..وأيم الله لا تصلون إلىّ حتى أرمي بكل سهم معي في كنانتي ثم أضربكم بسيفي حتى لا يبقى في يدي منه شئ،فأقدموا إن شئتم ...وإن شئتم دللتكم على مالي ،وتتركوني وشأني "
.
توقفوا منصتين إليه ، صفقةُ رابحةُ بالنسبة لهم ،ما الضرر من تركه مقابل ماله ؟ لاشئ ، بل سيعود عليهم بالفائدة ،فثروته التي يعلمون
قدرها جيداً لن يستطيع أحداً منهم أن يصل إليها مالم يدلهم هو عليها :
.
"أتيتنا صعلوكاً فقيراً فكثر مالك عندنا،وبلغت بيننا مابلغت،والآن تنطلق بنفسك وبمالك ؟"
.
قالوها محاولين تبرير قبولهم ، لكنه لم يجد نفعاً من مجادلتهم ، دلّهم سريعاً على المكان الذي خبّأ فيه ثروته ثم أدار ناقته وانطلق يسبقه قلبه
إلى حيث كانت وجهته ، وأقفلوا هم راجعين تسبقهم أحلامهم في العثور على ثروةٍ طائلة .
لم يساوره الشك مطلقاً في أنه خرج من تلك الصفقة رابحاً ، وتأكّد ظنّه حينما أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم في "قباء" جالساً
وحوله عدداً من الصحابه ، استقبله صلى الله عليه وسلم مهللاً ومُبشراً :
.
"ربح البيع أبا يحي ...ربح البيع أبا يحي ... "
.
ومن فوق سبع سماوات جاءته بشرى المولى عزّ وجلّ :
.
"ومِنَ الناسِ من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله، والله رؤوف بالعباد "
.
صهيبٍ بن سنان .
.
ابوه كان حاكم (الأُبلّه) وولياً عليها لكسرى ، وكان من العرب الذين نزحوا إلى العراق قبل الإسلام ..وفي القصر القائم على شاطئ الفرات عاش طفلاً مُترفاً ومُنعمّاً ، إلى أن تعرضت البلاد لهجوم الروم أُسر فيه كثيرون من بينهم الغلام "صهيب بن سنان"،الذي ينتهي به المقام بين يدي تجّار الرقيق ...قضى "صهيب" طفولته وصدر شبابه في بلاد الروم حتى أخذ لهجتهم ،وبيع في النهاية ل"عبد الله بن جدعان" الذي أُعجب بذكاءه ونشاطه وإخلاصه ، فأعتقه وسمح له بالإتجار معه ...
.
إسلامه رضي الله عنه
.
يتحدّث عمّار بن ياسر عن تلك اللحظة قائلاً :
.
"لقيت صهيب بن سنان على باب دار الأرقم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيها.. فقلت له: ماذا تريد..؟فأجابني وما تريد أنت..؟قلت له: أريد أن أدخل على محمد، فأسمع ما يقول.قال: وأنا أريد ذلك..فدخلنا على الرسول صلى الله عليه وسلم، فعرض علينا الإسلام فأسلمنا.ثم مكثنا على ذلك حتى أمسينا..ثم خرجنا ونحن مستخفيان".!! "
.
لم يتردد "صهيب" يوماً في بذل نفسه وماله لأجل الله ورسوله ، فيتحدث عن هذا قائلاً :
.
" لم يشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهدا قط إلا كنت حاضره..
ولم يبايع بيعة قط إلا كنت حاضرها..
ولا يسر سرية قط. إلا كنت حاضرها..
ولا غزا غزاة قط، أوّل الزمان وآخره، إلا كنت فيها عن يمينه أو شماله..
وما خاف المسلمون أمامهم قط، إلا كنت أمامهم..
ولا خافوا وراءهم إلا كنت وراءهم..
وما جعلت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين االعدوّ أبدا حتى لقي ربه" .
.
ما أروعه من بذلٍ وتضحيةٍ ، وماأروعها من لوحةٍ إيمانيهٍ سطرها بحبه لله ورسوله .
.
لم يتردد "عمر بن الخطاب" - رضي الله عنه - في إختياره ليحلّ محله في إمامة الناس في الصلاه ، وما أعظمه من شرف توّج به أمير
المؤمنين رأسه ،
فبعد الإعتداء على أمير المؤمنين وهو يُصلي بالمسلمين صلاة الفجر ، وبعدما أحس قُرب نهاية أجله ، راح يُلقي على أصحابه وصيته الأخيرة ،فكان مما قال :
"وليُصلّ بالناس صهيب" .
.
وفاته رضي الله عنه :
.
توفى صهيب -رضي الله عنه - في شوال من عام ثمانية وثلاثين بالمدينة و قيل : عام تسع وثلاثين عن ثلاث و سبعين سنة قضاها تحت راية الإسلام ، طائعاً لله عز وجلّ وخير تابعاً لسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمعنا بهم ومعهم في دار كرامته إنه سميعُ قريبُ مجيب الدعوات
.
المصدر : كتاب رجال حول الرسول
*
*

Friday, July 6, 2007

الحديث الأول

*
*
.
عن أمـيـر المؤمنـين أبي حـفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عـليه وسلم يـقـول : ( إنـما الأعـمـال بالنيات وإنـمـا لكـل امـرئ ما نـوى . فمن كـانت هجرته إلى الله ورسولـه فهجرتـه إلى الله ورسـوله ومن كانت هجرته لـدنيا يصـيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ).
.
رواه إمام المحد ثين أبـو عـبـد الله محمد بن إسماعـيل بن ابراهـيـم بن المغـيره بن بـردزبه البخاري الجعـفي،[رقم:1] وابـو الحسـيـن مسلم بن الحجاج بن مـسلم القـشـيري الـنيسـابـوري [رقم :1907] رضي الله عنهما في صحيحيهما اللذين هما أصح الكتب المصنفه.
.
شرح مُبسط :
.
- الأعمال : ما المراد بالأعمال هنا ؟
.
هل هي جميع الأعمال ؟ أم أنها الأعمال التي يُتقرب بها إلى الله عز وجل ؟
هذان قولان لأهل العلم لكن الأصح أن كلمة الأعمال هنا تعني جميـع الأعـمال .
.
- النية : النية معناها لغةً : القصد
نويت أن أصلي صلاة العصر أي قصدت صلاة العصر
أما معناها شرعاً : فيُراد بها معنيان :
.
الأول : تمييز عمل عن غيره ... أي على سبيل المثال صلاتي الظهر و العصر كلتاهما أربع ركعات ، لكن ما الذي سيُميز صلاتي للعصر عن صلاتي للظهر ؟
النية ... هي ما ستميز هذا عن ذاك
.
أما الثاني : تمييز المقصود بالعمل
ماذا نعني بتمييز المفصود بالعمل ، أي هذا العمل لله ؟ أم لغيره ؟ أم لله ولغيره
ذهب ثلاثة أصدقاء لأداء الصلاة .. الأول ذهب ليؤديها طاعةً لله عز وجل ، الثاني مُجاملةً لصديقه ، أما الثالث فذهب خوفاً من والده ، كل منهم أدى نفس العمل لكن القصد منه اختلف تبعاً لنيةً أداء العمل .
.

- إنما الأعمال بالنيات : أي أن الأعمال جزاءها النيات
.
- فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله
.
الهجرة :
معناها لغةً : الإنتقال أو الترك
أما إصطلاحاً : فتدرجت على ثلاث مراحل :
.
1- الإنتقال من مكه إلى المدينة
.
2- الإنتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام
.
3- الإنتقال من الذنوب والمعاصي إلى الطاعات
.
ما المعنى الذي يُريد الحديث أن ينقلنا إليه؟
.
إذا نظرنا للمعنى الأول فسنجد أنه غير باقي .. لماذا ؟
.
لأنه انتهى بفتح مكه ،فلا هجرة بعد الفتح كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم
.
حسناً .. ماذا عن المعنى الثاني إذاً ؟
.
المعنى الثاني ليس باق على الإطلاق ، ماذا نعني بليس باقٍ على الإطلاق؟
.
أي أنه باقٍ إذا وُجد سببه ، فشخص مُقيم في بلاد شرك لكنه لا يستطيع أن يُهاجر ، أو أنه يقيم شعائر دينه في تلك البلد فلا خوف على دينه ، إذن هجرته هنا غير واجبه .. فمتى تكون واجبه ؟
إذا كان بإستطاعته الهجره ، وإذا خاف على دينه
أي أن المعنى باقٍ إذا وُجد سببه
.
أما المعنى الثالث : فباقي وواجب على الجميع
.
هجرة الذنوب والمعاصي ومانهى الله عنه ، فكما قال رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام
"المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، و المهاجرمن هجر مانهى الله عنه "
.
عادةً في أسلوب الشرط العربي يكون الجواب غير الشرط و الشرط غير الجواب
إذا نجحت فسأعطيك هديه
لكن هنا في هذا الحديث الشريف ،نجد الجزاء مثل الشرط
من كانت هجرته إلى الله ورسوله
فهجرته إلى الله ورسوله
.
وهذا لأن الجزاء قد يكون في اللفظ ظاهراً ، وقد يكون في المعنى ، وهنا الجزاء في المعنى
فهجرته إلى الله ورسوله ، أي جزاءه وثوابه على الله ورسوله
.
-ومن كانت هجرته لـدنيا يصـيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه
أي أن جزاءه كذلك سيكون تحصيل ما أراد بهذه الهجره
.
سبب الحديث :
.
السبب الذي ورد عن هذا الحديث ، أنه جاء في رجل من الأعراب هاجر مع النبي صلى الله عليه وسلم بغرض خطبة امرأة كانت تُدعى "أم قيس" لذلك سمي "مهاجر بن قيس" أي أنه لم يُهاجر من أجل الهجرة و لكنه هاجر من أجل امرأة
.
ولكن يقول الحافظ بن رجب :
تتبعت هذا السبب فلم أجد له أصلاً
لذلك لا يصح هذا السبب إسناداً .... و الله أعلم
.
: أهمية الحديث
.
يقول الإمام الشافعي : هذا الحديث ثلث العلم ويدخل في سبعين باباً من أبواب الفقه.
.
و الإمام أحمد بن حنبل : يقول أن أصول الإسلام على ثلاث أحاديث ذكر منها هذا الحديث.
.
ومن أهميته .. بدأ به الإمام البخاري كتابه وجعله أول حديث رغم أنه في الظاهر لا ينتمي إلى الباب الذي تصدر الكتاب وهو باب "الوحي" وتبعه في ذلك الكثير من أهل العلم منهم الإمام النووي فجاء بهذا الحديث في الصدارة ليكون بمثابة مقدمه مفادها أن كل عمل لا يقوم إلا على نية صالحه
.
المصدر : محاضرات الشيخ فالح بن محمد الصغير
*
*